نظرة عامة

يُعدّ قطع العضلة العاصرة الشرجية الداخلية إجراءً جراحيًا يُلجأ إليه في علاج الشق الشرجي المزمن، أو في الحالات التي تكون فيها العضلة العاصرة المحيطة بفتحة الشرج مشدودة بشكل مفرط، مما يُسبّب ألمًا شديدًا وصعوبة في عملية التبرز. ويعتمد هذا التدخّل الجراحي على إحداث شق صغير ودقيق في العضلة العاصرة الداخلية، بهدف تخفيف التوتّر العضلي والسماح بعودة الدورة الدموية الطبيعية، مما يُعجّل بالتئام الأنسجة المتشققة ويُخفف من حدّة الألم المصاحب.

وغالبًا ما يُوصى بهذا النوع من العلاج للمرضى الذين لم تُجدِ معهم العلاجات التحفّظية نفعًا، كالمراهم الموضعية أو التغييرات الغذائية، ويُعتبر من الخيارات الفعّالة والآمنة في إعادة التوازن الوظيفي لمنطقة الشرج، وتحسين جودة حياة المريض بشكل ملموس.

لماذا تقتضي الحاجة إلى قطع العضلة العاصرة الشرجية؟

يُوصى بهذا التدخّل الجراحي لعلاج الشقوق الشرجية المزمنة التي استعصت على العلاج بالأدوية أو التغييرات في نمط الحياة، وظلّت تُقاوم الشفاء رغم المحاولات التحفّظية.

عندما يستمر الألم أثناء التبرز رغم استخدام المراهم الموضعية أو مليّنات البراز، يصبح التدخّل الجراحي خيارًا مطروحًا لتخليص المريض من معاناة يومية مرهقة.

إذا تكرّرت تشنّجات العضلة العاصرة الداخلية للشرج بشكل مزمن، مما يُسبّب ألماً متواصلاً ويحول دون التئام الشق، فإن القطع الموضعي لتلك العضلة يُخفّف التوتّر ويمنح الجسم فرصة للشفاء.

يُساعد هذا الإجراء على تحسين تدفّق الدم إلى منطقة الشق، مما يُعجّل في التئام الجرح ويُقلّل من احتمالات عودة الشق مرة أخرى.

ولا يُلجأ إلى هذا التدخّل إلا بعد فشل الوسائل غير الجراحية، مثل الكريمات الموضعية أو حقن البوتوكس، حيث يُعتبر عندئذ خيارًا فعّالًا وآمنًا لتحقيق الراحة والشفاء.

الفوائد الهامة لعملية شق العضلة العاصرة الشرجية

• شفاء سريع: يُعدّ هذا الإجراء من العمليات الطفيفة التوغّل، وغالبًا ما يُجرى بتخدير موضعي فقط، ولا يحتاج إلا إلى فترة نقاهة قصيرة، يعود بعدها المريض إلى حياته الطبيعية في وقت وجيز.
• تخفيف فعّال للألم: يُسهم هذا التدخّل الجراحي في التخلّص من الألم المزمن الناتج عن التشنّجات المتكرّرة في العضلة العاصرة الشرجية، مما يمنح المريض راحة حقيقية كان قد افتقدها.
• نتائج طويلة الأمد: يُوفّر هذا الإجراء تخفيفًا دائمًا ومُستقرًا من الشقوق الشرجية المتكرّرة، ويُعيد للمريض القدرة على التبرز دون معاناة.
• انخفاض معدّل تكرار الحالة: بعد الجراحة الناجحة، تنخفض احتمالية عودة الشق بشكل ملحوظ، مما يُغني المريض عن دوامة العلاجات المتكرّرة والتجارب المؤلمة.
• تحسّن ملحوظ في جودة الحياة: بزوال الألم والانزعاج أثناء التبرز، تتحسّن نوعية حياة المريض تحسّنًا ملموسًا، ويستعيد راحته النفسية والجسدية، وينعم بحياة أكثر يسرًا واستقرارًا.

كيف ينبغي لك الاستعداد قبل الخضوع لعملية قطع العضلة العاصرة الشرجية؟

• الاستشارة مع الجرّاح المختص: تبدأ التحضيرات بإجراء فحص سريري دقيق يؤكّد التشخيص، ويُتيح للطبيب مناقشة الخيارات العلاجية المتاحة، وتوضيح ما يُناسب حالتك بشكل خاص.
• تعديلات غذائية بسيطة: يُنصح بتناول وجبة خفيفة قبل ساعات قليلة من الإجراء، مع الامتناع عن تناول الأطعمة الثقيلة أو تلك التي يصعب هضمها، حفاظًا على راحة الجهاز الهضمي.
• تهيئة الأمعاء: قد يُطلب منك إجراء تنظيف للأمعاء في اليوم الذي يسبق الجراحة، وذلك باستخدام وسيلة موضعية مثل الحقنة الشرجية، لضمان وضوح الرؤية الجراحية وسلامة الإجراء.
• مراجعة الأدوية المُستخدمة: يجب تجنّب الأدوية التي تُسبّب تميّع الدم، مثل مضادات التخثّر، قبل الجراحة بعدة أيام، كما ينبغي إبلاغ الطبيب عن جميع الأدوية والمكمّلات التي تتناولها، لتحديد ما ينبغي توقيفه أو الاستمرار به.
• تنظيم الرعاية بعد العملية: بما أن التخدير قد يترك أثرًا مؤقتًا على الحركة أو التركيز، يُفضّل أن يرافقك أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء للعودة إلى المنزل بعد العملية، ومساعدتك في الساعات الأولى من فترة التعافي.

كيف تُجرى عملية قطع العضلة العاصرة الداخلية للشرج؟

تُنفّذ هذه العملية عادةً تحت تخدير موضعي، وقد يُستخدم أحيانًا التسكين البسيط حسب راحة المريض وحالته العامة، لضمان إتمام الإجراء دون ألم أو توتّر.

يقوم الجرّاح بإحداث شق دقيق في العضلة العاصرة الداخلية الجانبية لفتحة الشرج، وهي العضلة المسؤولة عن التحكم في خروج البراز.

يُؤدّي هذا الشق إلى تحرير التوتّر العضلي المزمن، مما يُسهّل ارتخاء العضلة، ويُمهّد لالتئام الشق الشرجي بطريقة طبيعية وسريعة، دون عوائق.

تُعتبر هذه العملية من التدخّلات الجراحية البسيطة والسريعة، وغالبًا ما تُجرى دون الحاجة إلى مبيت في المستشفى، حيث يُمكن للمريض العودة إلى منزله في اليوم ذاته بعد فترة قصيرة من المراقبة الطبية.

ما الذي يمكنك توقّعه قبل الإجراء وأثناءه وبعده؟

1. قبل العملية:

يُطلب من المريض تفريغ الأمعاء بالكامل قبل الجراحة، وقد يُعطى مهدّئًا خفيفًا لتقليل التوتّر. كما يتمّ تنظيف المنطقة المحيطة بفتحة الشرج وتعقيمها جيدًا، ثم تخديرها موضعيًا لضمان الراحة التامة أثناء الإجراء.

2. أثناء العملية:

يقوم الجرّاح بإحداث شق صغير في العضلة العاصرة الشرجية الداخلية، وذلك بهدف تخفيف الضغط والتوتر العضلي في تلك المنطقة. وتستغرق العملية ما بين 15 إلى 30 دقيقة تقريبًا، وتُعدّ من الإجراءات السريعة والفعّالة.

3. بعد العملية:

قد يشعر المريض ببعض الانزعاج أو الألم البسيط، مع وجود نزيف طفيف، وكلّها أمور طبيعية في الأيام الأولى بعد الجراحة. يصف الطبيب غالبًا أدوية مسكّنة للألم لتخفيف أي أعراض مزعجة خلال فترة النقاهة. وغالبًا ما يعود المريض إلى منزله في نفس اليوم، لكن يُوصى بالراحة التامة، وتجنّب الأنشطة الشاقّة أو حمل الأوزان الثقيلة لعدّة أيام لضمان التعافي السليم.

المخاطر والمضاعفات المحتملة

• العدوى: كما هو الحال في أي عمل جراحي، يبقى هناك احتمالٌ لحدوث التهاب في موضع الشق الجراحي، وهو احتمال نادر، لكنه يتطلّب متابعة دقيقة لتفادي أي تطوّر.
• سلس مؤقّت في التبرز: ورغم ندرة حدوثه، إلا أن هناك احتمالًا ضئيلًا لـ حدوث ضعف مؤقّت في السيطرة على حركة الأمعاء، وذلك نتيجة تأثّر العضلة العاصرة خلال الجراحة، وغالبًا ما يتحسّن هذا العرض تلقائيًا مع مرور الوقت.
• عودة الشق الشرجي: في بعض الحالات، وعلى الرغم من نجاح العملية، قد يعود الشق للظهور مجددًا، إما بسبب عوامل داخلية أو عدم الالتزام بالإرشادات بعد الجراحة.
• النزيف: يُعدّ النزيف الخفيف بعد الجراحة أمرًا طبيعيًا، غير أن استمرار النزيف أو زيادته يستوجب التواصل مع الطبيب دون تأخير.
• تليّف أو تضيّق في فتحة الشرج: وفي حالات نادرة، قد تؤدّي الندبات الجراحية إلى تضيّق موضعي في القناة الشرجية (تضيّق فتحة الشرج)، الأمر الذي قد يتطلّب تدخّلًا علاجيًا إضافيًا لتوسيعه واستعادة الوظيفة الطبيعية.

النتائج والتوقعات

• تسكين ناجح للألم وتحسّن ملحوظ: يُحقق معظم المرضى تخفيفًا كبيرًا في حدة الألم بعد العملية، مع تسارع واضح في عملية التئام الشق الشرجي وتحسّن عام في الحالة الصحية.
• تعافٍ سريع: في الغالب، يتماثل المريض للشفاء خلال أسبوع إلى أسبوعين فقط، ويُبلّغ الكثيرون عن زوال تام للأعراض المزعجة خلال هذه الفترة الوجيزة.
• نسبة مضاعفات منخفضة: عند إجراء العملية على يد جرّاح متمرس وذو خبرة، فإن احتمال حدوث مضاعفات يكون ضئيلًا للغاية، مما يجعل الإجراء من الخيارات الآمنة والفعّالة.
• تحسّن في الوظائف الطبيعية: بعد الشفاء، يستعيد المريض قدرته على التبرز بشكل طبيعي، دون ألم أو انزعاج، ما يُساهم في تحسين نوعية الحياة اليومية واستعادة الراحة الجسدية والنفسية.