نظرة عامة

تُعد عملية تحويل مسار المعدة من أبرز جراحات السمنة المعتمدة في العصر الحديث، وهي إجراء جراحي دقيق يهدف إلى تمكين المرضى الذين يُعانون من السُمنة المفرطة من تحقيق فقدان وزن فعّال ومستدام، لا يقتصر على الشكل والمظهر، بل يمتد ليشمل تحسين الحالة الصحية العامة وإطالة العمر بإذن الله. وتعتمد هذه العملية على مبدأ مزدوج يجمع بين تصغير حجم المعدة من خلال إنشاء جيب صغير في جزئها العلوي، مما يُقلّل كمية الطعام الذي يمكن تناوله، وبين تحويل جزء من مسار الأمعاء الدقيقة، بحيث يتم تجاوز جزء منها، مما يُقلّل من امتصاص السعرات الحرارية والعناصر الغذائية الزائدة عن الحاجة. بهذا الدمج بين التقييد والامتصاص المحدود، تُصبح عملية تحويل مسار المعدة من أكثر جراحات إنقاص الوزن فعالية وانتشارًا، خصوصًا لدى أولئك الذين لم تُجدِ معهم الحميات الغذائية، أو التمارين الرياضية، أو الأدوية الطبية نفعًا. إنّ الهدف الأسمى من هذه الجراحة ليس مجرد فقدان الوزن، بل استعادة الصحة، والوقاية من أمراض مزمنة خطيرة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، ومنح المريض حياة أكثر نشاطًا وسعادة واستقرارًا.

متى ولماذا تُعدّ جراحة المجازة المعدية ضرورية؟

عندما تُثبت الحميات الغذائية والتمارين الرياضية عجزها عن تحقيق نتائج دائمة ومستقرة في خفض الوزن.

في حالات السُمنة المفرطة، أي عندما يتجاوز مؤشر كتلة الجسم (BMI) حدّ 40، أو يتخطّى 35 مع وجود أمراض صحية مرافقة، مثل: داء السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، أو انقطاع النفس أثناء النوم.

عندما لا تكون أنواع أخرى من جراحات السمنة، مثل تكميم المعدة أو ربط المعدة، مناسبة لحالة المريض من الناحية الطبية أو التشريحية.

للأشخاص الذين يعانون من استعادة الوزن بعد إجراء جراحة سابقة في المعدة، ولم تُثمر معهم المتابعة أو الوسائل غير الجراحية.

لتحسين جودة الحياة من خلال تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالسمنة، والوقاية من مضاعفاتها الجسدية والنفسية المزمنة.

أهم فوائد وأبرز ميزات بخصوص عملية تحويل مسار المعدة

فقدان كبير ومستدام في الوزن، يستمر على المدى الطويل ويُعد من بين الأفضل في نتائج جراحات السمنة.

تحسّن ملحوظ أو اختفاء تام للعديد من الأمراض المرتبطة بالسمنة، مثل: داء السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، وآلام المفاصل المزمنة.

انخفاض في إفراز هرمونات الجوع، مما يُساعد المريض على التحكم في شهيته بصورة أفضل، ويُعزّز الالتزام الغذائي بعد الجراحة.

ضبط أكثر فعالية لامتصاص العناصر الغذائية، مقارنة ببعض الجراحات الأخرى، مما يُسهم في تقليل السعرات الممتصة دون التسبّب بنقص حاد في التغذية.

يُمكّن المرضى من تحقيق المعايير الطبية المطلوبة لجراحات السمنة الكبرى، ويُمهّد الطريق نحو الشفاء واستعادة العافية العامة.

كيف ينبغي أن تستعد نفسك قبل الخضوع لعملية تحويل مسار المعدة؟

استشارة طبيب مختص في جراحات السمنة، لمعرفة ما إذا كنت مرشّحًا مناسبًا لهذا النوع من العمليات وفقًا لحالتك الصحية والتاريخ الطبي.

إجراء الفحوصات اللازمة، والتي تشمل: تحاليل الدم، وفحوصات القلب، والتقييم النفسي، للتأكّد من الجاهزية الجسدية والنفسية للجراحة.

اتباع نظام غذائي خاص قبل العملية، يُسهم في تقليص حجم الكبد، مما يُسهّل إجراء الجراحة ويُقلّل من مخاطرها.

الامتناع تمامًا عن التدخين وتناول الكحول، إذ إنّ الاستمرار فيهما يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات بعد الجراحة.

التعرّف المسبق على مدة التعافي بعد الجراحة، والالتزام المُسبق بإحداث تغييرات طويلة الأمد في نمط الحياة، سواء في الغذاء أو الحركة أو السلوك الصحي.

مناقشة التفاصيل المالية، بما في ذلك تكلفة الجراحة، والتأمين الصحي، والمقارنة بين تحويل المسار وتكميم المعدة، للوصول إلى القرار الأمثل.

كيف يتم إجراء عملية تحويل مسار المعدة؟

تُنفّذ العملية باستخدام تقنيات المنظار الجراحي (الجراحة طفيفة التوغّل)، مما يُقلّل من حجم الشقوق الجراحية ويسرّع التعافي.

يُنشأ جيب صغير في الجزء العلوي من المعدة، ليعمل كمعدة مصغّرة تحدّ من كميات الطعام المُتناولة.

يُعاد توجيه جزء من الأمعاء الدقيقة وتوصيله بالجيب المعدي، مكوِّنًا ما يُشبه شكل الحرف (Y)، والذي يُعطي العملية اسمها.

يُؤدي هذا التحويل إلى تجاوز مسار السعرات الحرارية والعناصر الغذائية، مما يُقلّل من كميّة ما يمتصه الجسم.

تستغرق العملية بأكملها عادةً من ساعتين إلى ثلاث ساعات، بحسب الحالة وسرعة تنفيذ الجراحة.

ماذا يمكنك أن تتوقّع قبل العملية، وأثناءها، وبعدها؟

1. قبل العملية:

سيُطلب منك اتباع نظام غذائي منخفض السعرات وغني بالبروتينات، بهدف تقليص حجم الكبد وتسهيل إجراء الجراحة.

ستتلقّى تعليمات واضحة بشأن تعديل بعض الأدوية، والصيام لعدد محدد من الساعات قبل الدخول إلى غرفة العمليات.

2. أثناء العملية:

تُجرى الجراحة تحت تأثير التخدير العام، حيث تكون في حالة نوم تام لا تشعر خلالها بأي ألم.

بعد الاستيقاظ، ستلاحظ وجود شقوق صغيرة في البطن نتيجة استخدام المنظار، وقد تُقيم في المستشفى لمدة 2 إلى 3 أيام للمراقبة الطبية.

3. بعد العملية:

تبدأ مرحلة التعافي باتباع نظام غذائي سائل فقط خلال الأسابيع الأولى.

يتم الانتقال تدريجيًا إلى الأطعمة اللينة ثم الصلبة، وفقًا لتوجيهات الطبيب المختص.

تُحدَّد لك مواعيد متابعة دورية مع جرّاح السمنة أو اختصاصي التغذية لمراقبة التقدّم وضمان التعافي السليم.

من الضروري الالتزام مدى الحياة بتناول المكملات الغذائية واتباع النظام الغذائي الخاص بجراحات السمنة، للحفاظ على الصحة وتفادي النقص الغذائي.

المخاطر والمضاعفات المحتملة

العدوى أو النزيف بعد العملية،

متلازمة التفريغ السريع (غثيان، وإسهال بعد تناول الأطعمة السكرية)،

نقص في العناصر الغذائية إذا لم يتم تناول المكملات،

انسداد في الأمعاء أو تقرّحات،

خطر تكوّن حصى في المرارة بسبب فقدان الوزن السريع،

بعض المرضى قد يحتاجون إلى إعادة إجراء الجراحة أو اللجوء إلى بدائل أخرى من جراحات السمنة.

النتائج والتوقعات

يفقد المرضى عادة ما بين 60٪ إلى 80٪ من الوزن الزائد خلال فترة تمتد من 12 إلى 18 شهرًا،

تحسّن ملحوظ في حالات السكري من النوع الثاني، وارتفاع الكوليسترول، وانقطاع النفس أثناء النوم، وغيرها،

يُبلغ معظم الأشخاص عن ارتفاع في مستويات النشاط، وتحسّن في القدرة الحركية، وصحة نفسية أفضل،

وتظل المتابعة الدورية مدى الحياة ضرورية لتحقيق أفضل النتائج وتجنّب المضاعفات.