مرض باركنسون (التحفيز العميق للدماغ - DBS)

نظرة عامة

يُعدّ مرض باركنسون من الاضطرابات العصبية التقدّمية التي تُصيب الجهاز الحركي للإنسان، حيث تتدهور الخلايا العصبية في الدماغ تدريجيًا، مما يُفضي إلى ظهور رجفات واضطرابات في التوازن، وتيبّس في الأطراف، وبطء في الحركة. وعلى الرغم من أن هذا المرض لا يُمكن الشفاء منه حتى يومنا هذا، إلا أنّ العلم الحديث قد قدّم خيارات علاجية تُسهم في التخفيف من أعراضه وتحسين نوعية حياة المرضى.

ومن أبرز هذه الوسائل العلاجية المتقدّمة: التحفيز العميق للدماغ، وهو إجراء جراحي دقيق يُزرع فيه جهاز خاص داخل الدماغ، وقد أثبت فعاليته في تحسين الأداء الحركي وتقليل نوبات الارتعاش لدى كثير من المصابين، بل وأضفى على حياتهم أملًا جديدًا في الاستقرار والتكيّف.

لماذا تُعدّ الجراحة خيارًا ضروريًا في علاج داء باركنسون؟

• السيطرة على الأعراض: تُسهم جراحة التحفيز العميق للدماغ في التحكم بأعراض داء باركنسون، لا سيّما حين تفقد الأدوية فاعليتها مع مرور الوقت، وتصبح غير كافية للسيطرة على الرجفان أو التصلّب أو بطء الحركة.
• في المراحل المتقدّمة: غالبًا ما يُوصى بهذا التدخّل الجراحي في المراحل المتقدّمة من المرض، عندما تُصبح العلاجات التقليدية عاجزة عن إحداث تحسّن ملموس في حياة المريض.
• الحدّ من الآثار الجانبية للأدوية: من مزايا هذا النوع من العلاج أنه يُقلّل الحاجة إلى تناول كميات كبيرة من الأدوية، وبالتالي يُخفّف من الآثار الجانبية الناتجة عن الاستخدام الطويل للعقاقير، مما يُحسّن راحة المريض واستقراره.

الفوائد الرئيسية لعلاج التحفيز العميق للدماغ (DBS)

• تحسّن في الحركة: يُسهم هذا العلاج بشكل واضح في التخفيف من الأعراض الحركية المصاحبة لداء باركنسون، مثل الرجفان والتيبّس وبطء الحركة، مما يمنح المريض قدرة أفضل على أداء أنشطته اليومية.
• الحدّ من الاعتماد على الأدوية: قد يؤدي استخدام التحفيز العميق إلى تقليل الحاجة إلى تناول الأدوية، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على الجسم من خلال الحدّ من الآثار الجانبية المترتبة على استخدام العقاقير لفترات طويلة.
• تحسّن في جودة الحياة: يُظهر كثير من المرضى تحسّنًا ملحوظًا في القدرة الوظيفية اليومية، والمزاج العام، والشعور بالراحة النفسية بعد الخضوع لهذا النوع من العلاج.
• تدخّل جراحي محدود: مقارنة بالعمليات الجراحية الأخرى، تُعدّ هذه التقنية طفيفة التوغّل، إذ لا تتطلب سوى شقوق صغيرة، ما يجعلها أكثر أمانًا وأقل إجهادًا للجسم.

كيف تستعد قبل الخضوع لعلاج التحفيز العميق للدماغ (DBS)

• الاستشارة مع الأطباء المختصّين: سيقوم الطبيب بتقييم حالتك الصحية العامة، ومناقشة الأعراض التي تعاني منها، وتحديد ما إذا كان علاج التحفيز العميق هو الخيار الأنسب لحالتك.
• تصوير الدماغ: قد يُطلب منك إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية، وذلك لتحديد المناطق الدقيقة في الدماغ التي تتطلّب التحفيز.
• مراجعة الأدوية: سيقوم الطبيب بمراجعة الأدوية التي تتناولها حاليًا، وقد يُجري تعديلات على الجرعات أو الأنواع، بما يتناسب مع متطلبات العملية.
• الاستعداد للإقامة في المستشفى: من المرجّح أن تبقى في المستشفى لبضعة أيام بعد الإجراء، وذلك لمراقبة حالتك الصحية عن قرب والتأكّد من استقرارك بعد الجراحة.

كيف يتم إجراء عملية مرض باركنسون (التحفيز العميق للدماغ)؟

• التخدير: سيتم إعطاؤك تخديرًا عامًا أو تخديرًا موضعيًا مع مهدئ، لضمان شعورك بالراحة وعدم الإحساس بأي ألم أثناء الإجراء.
• رسم خريطة الدماغ: سيستخدم الجرّاح تقنيات تصوير الدماغ لتحديد المواقع الدقيقة المرتبطة بالأعراض الحركية، مثل الرجفان وبطء الحركة.
• زرع الجهاز: يتم زرع جهاز صغير يُعرف بالمحفّز العصبي تحت الجلد في منطقة الصدر، وتُوضع الأسلاك (الأقطاب) المتصلة به داخل أماكن محدّدة في الدماغ، تم اختيارها بدقة.
• تفعيل الجهاز: بعد التعافي من الجراحة، يتم تفعيل الجهاز لإرسال نبضات كهربائية خفيفة إلى الدماغ، تساعد على التقليل من أعراض داء باركنسون وتحسين جودة الحياة.

ما الذي يمكن توقّعه قبل العملية، وأثناءها، وبعدها؟

1. قبل العملية:

من المتوقّع أن تخضع لفحوصات دقيقة للدماغ، تشمل التصوير الإشعاعي والتقييم العصبي الشامل من قِبل الفريق الطبي المعالج. كما ستُناقش مع الطبيب الفوائد المتوقعة من الجراحة والمخاطر المحتملة المرتبطة بها، لتكون الصورة لديك واضحة وشاملة.

2. أثناء العملية:

عادةً ما تستغرق الجراحة عدّة ساعات متواصلة. وستكون مستيقظًا خلال الإجراء، ليس فقط لضمان وضع الجهاز في الموضع الأمثل داخل الدماغ، بل أيضًا لمراقبة استجابتك الفورية للتحفيز الكهربائي أثناء الزرع، وهو ما يساعد الفريق الجراحي في تحقيق أفضل النتائج.

3. بعد العملية:

تشمل مرحلة التعافي إقامة قصيرة في المستشفى تحت المراقبة الطبية. وسيتم ضبط الجهاز المزروع (المحفّز العصبي) بعناية للوصول إلى أفضل مستوى من الأداء. وقد يشعر بعض المرضى بتحسّن مباشر في الأعراض، لكن الوصول إلى النتائج الكاملة قد يستغرق بضعة أشهر من المتابعة والتعديل التدريجي.

المخاطر والمضاعفات المحتملة

• العدوى:كما هو الحال في أي عملية جراحية، هناك احتمال لحدوث عدوى في موضع زرع الجهاز، وقد يتطلّب ذلك علاجًا دوائيًا أو تدخلًا إضافيًا إذا لزم الأمر.
• النزيف أو السكتة الدماغية: يوجد احتمال طفيف لحدوث نزيف داخل الدماغ أثناء العملية، وهو ما قد يؤدي في حالات نادرة إلى حدوث سكتة دماغية.
• خلل في عمل الجهاز: قد يتطلّب المحفّز العصبي إجراء تعديلات دورية على برمجته، أو في بعض الحالات، استبداله بالكامل بعد فترة من الاستخدام.
• تغيّرات في المزاج أو الوظائف العقلية: في بعض الحالات، قد يُعاني المريض من اضطرابات في المزاج، أو شعور بالارتباك، أو مشكلات في الكلام والتعبير، وهي آثار جانبية تستوجب المتابعة الدقيقة مع الفريق المختص.

النتائج والتوقعات

• تخفيف الأعراض: يُلاحظ العديد من المرضى تحسّنًا كبيرًا في الأعراض الحركية المرتبطة بداء باركنسون، مثل الرجفان، والتصلّب، وبطء الحركة، مما يُساعدهم على أداء وظائفهم اليومية بقدر أكبر من السلاسة.
• فوائد طويلة الأمد: يمكن لعلاج التحفيز العميق للدماغ أن يُوفّر تأثيرًا مستمرًا في التخفيف من الأعراض على مدى سنوات، وإن كانت هناك حاجة أحيانًا إلى إجراء تعديلات دورية على الجهاز حسب تطوّر الحالة.
• تحسين جودة الحياة: يمنح هذا العلاج للمرضى فرصة لاستعادة قدر من الاستقلالية، ويُسهم في رفع مستوى جودة الحياة، من خلال تمكينهم من ممارسة أنشطتهم اليومية بثقة وراحة أكبر.