نظرة عامة

يُعدّ استئصال البنكرياس إجراءً جراحيًا يُلجأ إليه عند الضرورة القصوى، يتم خلاله إزالة جزء من البنكرياس أو استئصاله بالكامل، وذلك بحسب طبيعة الحالة المرضية. والبنكرياس، وإن كان عضوًا صغيرًا في التجويف البطني، إلا أنّ وظائفه جوهرية في حياة الإنسان، إذ يتولّى إفراز الإنزيمات الهضمية التي تُساعد على تكسير الطعام، إلى جانب إنتاج هرمونات مهمة أبرزها الإنسولين، المسؤول عن ضبط مستويات السكر في الدم. ويُصبح استئصال هذا العضو لازمًا عندما يتعرض لتلف شديد لا رجعة فيه، كما في حالات الالتهاب المزمن، أو وجود أورام حميدة أو خبيثة، أو الإصابة بسرطان البنكرياس، وهي من الحالات التي يصعب علاجها بالأدوية أو الإجراءات التحفظية.

وغالبًا ما يُقدَّم هذا الخيار الجراحي حين تُستنفد الوسائل العلاجية الأخرى دون جدوى. ويتساءل كثيرون: هل يمكن العيش دون بنكرياس؟ والإجابة: نعم، يمكن للإنسان أن يعيش بدونه، لكن ذلك يتطلب التزامًا صارمًا بالعلاج مدى الحياة، من خلال تناول إنزيمات بديلة تُعين على الهضم، واتباع بروتوكول دقيق للتحكم بمستوى السكر في الدم، يشمل غالبًا استخدام الإنسولين. فرغم جسامة العملية، فإنها تمثل في بعض الأحيان الأمل الأخير للنجاة، والحفاظ على جودة الحياة قدر المستطاع.

لماذا تعد عملية استئصال البنكرياس ضرورية؟

يُستخدم في حالات التهاب البنكرياس المزمن أو النوبات المتكرّرة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي.

عند تشخيص وجود سرطان في البنكرياس أو نموّات ما قبل سرطانية تستوجب الإزالة.

لإزالة الأكياس أو الأورام الموجودة في البنكرياس والتي قد تُشكّل خطرًا على المدى البعيد.

في حال تعرّض البنكرياس لإصابة أو رضٍّ شديد نتيجة حادث أو صدمة مباشرة.

لتخفيف الألم المزمن الناتج عن التهابات أو انسدادات مستمرة في القنوات البنكرياسية.

عند وجود اضطرابات وراثية أو حالات موروثة تُؤدّي إلى خلل دائم في وظيفة البنكرياس.

الفوائد الرئيسية لعملية استئصال البنكرياس

يُساعد في السيطرة على حالات التهاب البنكرياس الشديد أو المزمن، ويُخفّف من حدّة الألم المصاحب لها.

يُساهم في إزالة الأورام السرطانية أو الحميدة قبل أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

يُحسّن جودة الحياة، لاسيّما عندما تتدهور وظيفة البنكرياس ولا تعود قادرة على أداء مهامها الحيوية.

يُقلّل من خطر الإصابة بعدوى خطيرة أو مضاعفات تهدّد حياة المريض نتيجة تلف البنكرياس.

يُتيح للطبيب تشخيصًا أدقّ، ويُساعد في الوقاية من الأمراض البنكرياسية المستقبلية.

كيف تجهز نفسك قبل الخضوع لعلاج استئصال البنكرياس؟

ناقش مع طبيبك تاريخك الطبي الكامل، بما في ذلك العمليات الجراحية السابقة والأدوية التي تتناولها حاليًا.

أجرِ التحاليل الدموية والفحوصات التصويرية المطلوبة، مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، إلى جانب التقييمات العامة للحالة الصحية.

قد يُوصي الطبيب بإيقاف بعض الأدوية قبل العملية بفترة، تجنّبًا لأي تداخل يؤثر على سلامة الجراحة.

غالبًا ما يُطلب منك التوقّف عن تناول الطعام والشراب لعدة ساعات قبل موعد العملية.

نسّق مسبقًا مع العائلة أو المُرافقين لتوفير الدعم والرعاية أثناء الإقامة في المستشفى وخلال فترة النقاهة.

تحدّث مع الطبيب بصراحة عن تفاصيل الحياة بعد إزالة البنكرياس، بما في ذلك التغيّرات الغذائية المتوقعة، والحاجة المحتملة إلى الإنسولين لضبط مستوى السكر في الدم.

كيف يتم إجراء عملية استئصال البنكرياس؟

تُجرى العملية تحت تأثير التخدير العام لضمان راحة المريض وعدم شعوره بالألم أثناء الجراحة.

قد يقوم الجرّاح بإزالة جزء من البنكرياس فقط، وهو ما يُعرف بالاستئصال الجزئي(مثل استئصال الجزء البعيد)، أو إزالة البنكرياس بالكامل، وهو ما يُعرف بالاستئصال الكلي للبنكرياس.

ووفقًا لطبيعة الحالة، قد تستدعي الضرورة الجراحية إزالة أعضاء مجاورة، مثل الطحال أو المرارة.

يمكن إجراء العملية عبر الجراحة المفتوحة التقليدية، أو باستخدام الأسلوب الجراحي المحدود (المنظار الجراحي) إذا كانت الحالة تسمح بذلك.

تتراوح مدة الإقامة في المستشفى بين 5 إلى 10 أيام عادةً، وذلك بحسب سرعة تعافي المريض واستقرار حالته بعد الجراحة.

ماذا تتوقّع قبل، أثناء، وبعد عملية استئصال البنكرياس؟

1. قبل العملية:

يُطلب منك الصيام لعدة ساعات قبل موعد الجراحة.

تُجرى الفحوصات الطبية اللازمة، ويتم توقيع نموذج الموافقة المستنيرة.

تُجرى جلسة استشارية مع طبيب التخدير لمناقشة تفاصيل التخدير وخياراته.

2. أثناء العملية:

تستغرق الجراحة عادةً من 3 إلى 6 ساعات، حسب نوع الاستئصال وتعقيد الحالة.

تتم مراقبة العلامات الحيوية للمريض بدقة طوال فترة الجراحة.

يقوم الجرّاح بإزالة الجزء المصاب من البنكرياس، أو البنكرياس بالكامل عند الضرورة.

3. بعد العملية:

يُنقل المريض إلى وحدة العناية المركّزة أو غرفة خاصة للمراقبة الدقيقة لعدة أيام.

يتم إعطاء الأدوية المناسبة لتسكين الألم، وتوفير السوائل عبر الوريد.

يبدأ المريض بنظام غذائي سائل، ثم ينتقل تدريجيًا إلى الأطعمة اللينة حسب تحسّن الحالة.

في حال استئصال البنكرياس بالكامل، يتم البدء بإدارة داء السكري باستخدام الأدوية أو الإنسولين.

تُوصى بزيارات متابعة منتظمة، والالتزام بالأدوية والتعليمات الطبية لضمان التعافي الأمثل.

المخاطر والمضاعفات المحتملة

حدوث نزيف أثناء الجراحة أو في الفترة التي تليها.

الإصابة بعدوى في موضع الجراحة، وقد تتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية أو تدخّلًا إضافيًا.

تسرّب سوائل من البنكرياس أو من أجزاء من الجهاز الهضمي، وهو من المضاعفات التي تستوجب مراقبة دقيقة.

صعوبات في الهضم أو نقص في إفراز الإنزيمات الهاضمة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في امتصاص الطعام.

الاعتماد على الإنسولين مدى الحياة في حال استئصال البنكرياس بالكامل، نتيجة فقدان الجسم لإنتاجه الطبيعي.

انخفاض في متوسط العمر المتوقع إذا لم تُدار المضاعفات بطريقة مناسبة أو في حال تأخّر العلاج.

تختلف درجة الخطورة والمضاعفات حسب نوع الجراحة التي أُجريت (جزئية أو كلية)، ومدى انتشار المرض، والحالة الصحية العامة للمريض.

النتائج والتوقعات

يشعر العديد من المرضى براحة ملحوظة من الألم المزمن أو الأعراض المزعجة بعد إجراء العملية.

في حال تمّت إزالة أورام سرطانية، فقد تتحسّن فرص البقاء على قيد الحياة، خاصة مع المتابعة المبكرة.

من خلال التكيّف مع نمط حياة جديد، والدعم بالإنسولين، يمكن للمريض أن يعيش دون بنكرياس.

تساعد المتابعة الطبية طويلة الأمد، إلى جانب العلاج بإنزيمات الهضم، في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وكفاءة الامتصاص.

ومع العناية المناسبة والالتزام بالعلاج، يستطيع المريض أن يستعيد نشاطه ويواصل حياته بشكل فعّال ومُرضٍ.